|
الرئيسية >> كتب بنكهات متنوعة... >> عالم الحريم خلف الحجاب
|
|||||
عالم الحريم خلف الحجاب (Harem The World Behind the Veil)
لمؤلفته التركية أليف كروتييه (Alev Lytle Croutier)
ترجمة: علي خليل
صورة الغلاف السير فرانك ديكسي ليلى 1829 جمعية الفنون الجميلة لندن
Sir Frank Dicksee
تنقل أليف كروتييه في كتابها (عالم الحريم) القارئ إلى عوالم الحريم السري و المحجوب عن الأعين بطريقة غرائبية تحبس الأنفاس...
بهذه الكلمات لمحظية مجهولة تفتتح أليف مسيرتها بين أروقة و دهاليز هذا العالم الغريب... ابتدأت الرحلة من الحرملك الكبير مروراً بمعناه و أصله و أسواق الجواري التي تُشترى منها النساء كالأواني... قصر السراي الذي يجمعن فيه... تدريب الجواري على الغناء و الإمتاع... موت الحريم بسن مبكرة قتلاً أو مرضاً... مؤامرات و اغتيالات بين الحريم... القفص الذهبي الذي يعزل به الأمراء مع جواريهن... السلطانات و تسلطهن و حياتهن و مراتبهن... ألعاب الحريم الطفولية... حكايا و أحاجي الحريم... الأفيون الذي يخفف من حزن أسرهن... النزهات و التسوق للحريم... الغناء و الرقص... لباسهن و حليهن... حمامات النساء و ما يجري فيها (و هو موضوع الرسامين المستشرقين المفضل...) الطعام... الخصيان حراس الحرملك و حياتهم... ثم الحرملك العادي في بيوت العامة و قصص عن الزواج و العادات الاجتماعية... ثم فصل (الغرب يلتقي بالشرق) و هو عن الحلم الغربي بالشرق و الرحالة و الرسامين المستشرقين... و أخيراً عن الحرملك في القرن العشرين و ما بقي منه و توظيفه في الدعاية و الإعلان و الأفلام كفيلم جيمس بوند (الجاسوس الذي أحبني)... و مقاربة المؤلفة بين عالم الحرملك و منتجعات و مراكز تجميل النساء الغربية... و أخيراً استنتاج المؤلفة أنها لم تقابل رجلاً إلا و تدغدع مخيلته فكرة الحرملك... و كل ذلك قد دعمته بمجموعة كبيرة من صور اللوحات الإستشراقية بحيث لا تخلو تقريباً صفحة منها... و ذلك من ما يزيد المخلية انبهاراً...
كانت المشاعر التي اعترتني أثناء قرائته متناقضة متنافرة كتنافر صورة الشرق فيه فبين اكتئاب حزنا على هذه النسوة و على الظلم المخيف... و اشمئزاز من الوصف المزعج _إلى حد القرف_ في كثير من الأماكن... مضافاً إليه شيء من الانسحار و الالتذاذ بهذه الغرائبية... و رشة من تخيل نفسي حسناء شرقية في إحدى اللوحات الآسرة... كل ذلك مخلوط بامتنان عميق و عارم للخالق الذي تفضل عليّ و لم يوجدني في ذاك المكان و الزمان...
أستطيع أن أقول أن المؤلفة أليف كروتييه ذكية للغاية فهي تحسن قراءة العقلية الغربية و تعرف ما يسحرها و لذلك جاء كتابها كمقطوعة تأسر الأذن الغربية بحيث لا يمكنه مقاومتها... و قد وظفت جذورها التركية و صور جدتها (القادمة من الحرملك على حد تعبيرها) و نساء أقاربها بطريقة _ماكرة_ زيادة في التشويق و الجذب للغربي... و كأنها تقول للغربي الذي يغريه منظر الحجاب متسائلا عن ما يخفي وراءه (أنا القادمة من ذاك العالم أخبرك بخباياه...)
ربما ما أزعجني أني كفتاة شرقية _مع عدم إيماني باستخدام هذه المصطلحات أصلاً_ قد أحسست بأن شيئا من الكلمات يمسني... و كأنها تتحدث عني أنا... عن ديني أنا... عن تاريخي أنا... بهذه الطريقة المخزية... و رغم معرفتي بأن معظم القصص ما هي إلا قصص متخيلة _لأهداف تشويقية و تسويقية_ كقصص الجدات و العجائز و ألف ليلة و ليلة عن بلاد الواق واق و السندباد إلا أني ما استطعت التوقف عن سؤال نفسي (و هل هناك دخان من دون نار؟...)
- هل صحيح أن السلطان كان لديه كل هذه الجواري و المحظيات يملأ بهن قصوره و يُهدين إليه؟ - على الأغلب نعم، فقصورهم تحولت إلى متاحف الآن... - و هل حقا كن جميلات جدا؟ _ و قد كان هذا السؤال يشغل بال صديقتي للغاية و لا أعرف لماذا!!!_ - أولا يختار شخص يهدي السلطان أجمل الهدايا ليقدمها له؟
و ماذا تغير الآن يا صديقتي، أوليس معظم النساء يضيعن أعمارهن بين النوم و الستلايت و ملاحقة الموضة و المكياج و الحفلات... أوليس معظم الرجال لا هم لهم إلا هن و اللهث وراءهن... فقط قولي لي ما الذي تغير سوى الأدوات؟
و لوحة حياة الحرملك في القسطنطينية 1857م لجون فردريك لويس
John Frederick Lewis
المعرفة بطريقة تفكير الآخر سلطان و قوة... لأنك تستطيع أن تؤثر عليه إن عرفت مفتاحه أولا... و ثانيا لأنه بإمكانك أن تفهمه و تستوعب تصرفاته و ردود فعله... و ثالثا لأنك تستطيع أن تغيرها بعد أن عرفت مصدرها... ما يجعل كتب أليف رائجة أنها وظفت معرفتها لهذا الغرض و خصوصا أنها لا تفتأ تعيد مذكرة في كل محاضراتها و ندواتها أنها ذات أصول شرقية و حرملكية...
سلمى الهلالي 7/5/2006
مواضيع ذات صلة:
|
|
||||
|
![]() |