
(أدى البحث في العقود الثلاثة الأخيرة من المنظور النسوي إلى الكشف عن كم من المعلومات الجديدة عن عدد من العالمات والزعيمات المسلمات البارزات في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. إنهن نساء لم تنساهن مجتمعاتهن أبدا وقد أصبحن موضوعا جاذبا لاهتمامنا في الفترة الأخيرة من خلال جهود باحثات وباحثين معاصرين. ولعل أفضل مثال شخصية نانا أسماءو (1793-1864م) الكاتبة والشاعرة والمدرسة بلغة الهاوسا. وكانت ابنة عثمان دان فوديو، الذي أدى جهاده إلى تأسيس خلافة سوكوتو في شمال نيجيريا. ورغم أن هناك الكثير مما كتب عنه وعن أبنائه ومستشاريه من الذكور إلا أن شيئا لم يكن معروفا عن نانا أسماءو إلى أن بدأت البحوث في السبعينات. إن تنوع وكثرة المواد والمصادر التي تساهم في فهمنا لأسماءو تتضمن أعمالها الشعرية الأصلية ورسائلها، والمصادر الشفهية الحديثة التي تتناولها، وما تبقى من آثار من الثقافة المادية الملموسة كالحجرة التي كان تعيش وتكتب فيها والنسخ الأصلية من كتاباتها. وقد كانت شخصية مدهشة في حد ذاتها، كما كانت أيضا مؤرخة ومدرسة، ساهمت كتاباتها بلغة الهاوسا والفولفولد والعربية والتاماتشيك (لغة الطوارق) في توضيح دور النساء، ليس فقط وسط النخبة التي ولدت بينها ولكن أيضا في تشكيل المجتمع الإسلامي في فترة ما بعد الجهاد. ورغم تميز أسماءو إلا أنها لم تكن فريدة من نوعها. فقد كانت أخواتها ونساء أخريات من عائلتها عالمات ومدرسات. وقد قامت أسماءو بتأسيس حركة “يان تارو” (الأختية) التي استمرت إلى ما بعد وفاتها، والتي تكونت من نساء تدربن على نشر التعاليم الإسلامية بين النساء الريفيات من خلال الحفظ الشفهي للنصوص الإسلامية.
وفي مناطق أخرى من غرب أفريقيا كانت من بين الزعيمات الروحيات نساء مثل الشيخة خديجة وهي مدرسة موريتانية من القرن التاسع عشر، كما كانت معلمة عبد القادر زعيم ثورة تورودو. ومن كانوا في نيجيريا، جاء عدد من النساء “المقدمات” (المعلمات الصوفيات) اللاتي اشتهرن خلال العقود الأولى من القرن العشرين، وكان من بينهن عائشة وصفية عمر فلكه وحجية إيا وأمة ماكارانتا.
وبالتوازي مع ما سبق هناك نماذج في شرق أفريقيا لنساء مسلمات متعلمات كتبن لتعزيز عقيدتهن ومن بينهم موانا كوبونا من مومباسا في كينيا والتي كانت تكتب الشعر باللغة السواحلية في منتصف القرن التاسع عشر والشيخة متونوا بنت علي بن يوسف والتي حصلت على شهادة الإجازة في زنجبار وأدخلت الطريقة القديرية إلى ملاوي في عشرينات القرن العشرين.
وفي الصومال في القرن التاسع عشر كان للشيخ الكايلاي تلميذات عرفن باسم “المريدات”، وكانت بينهن الشيخة فاطمة كذلك عاشت دادا ماسيتي في برافا على ساحل بنادير في القرن التاسع عشر، وكانت عالمة دينية وشاعرة صوفية والمرأة الوحيدة بين الأولياء في الصومال، حيث يكرم مقامها بزيارة سنوية.)
– من بحث: أفريقيا جنوب الصحراء؛ منتصف القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن العشرين لـ أليس هورنر ص285، في موسوعة النساء والثقافات الإسلامية، طبعة بريل
كانون الثاني 2017