شيء من آداب المآدب عند الغزالي، وصورة

رسمة عثمانية من القرن السادس عشر، تصور مأدبة أقامها لالا باشا

“وكان من سنة المتقدمين أن يقوموا جملة الألوان دفعة واحدة ويصففون القصاع من الطعام على المائدة ليأكل كل واحد مما يشتهي. وإن لم يكن عنده إلا لون واحد ذكره ليستوفوا منه ولا ينتظروا أطيب منه. ويحكى عن بعض أصحاب المروءات أنه كان يكتب نسخة بما يستحضر من الألوان ويعرض على الضيفان.
[…]الرابع أن لا يبادر إلى رفع الألوان قبل تمكنهم من الاستيفاء حتى يرفعوا الأيدي عنها، فلعل منهم من يكون بقية ذلك اللون أشهى عنده مما استحضروه، أو بقيت فيه حاجة إلى الأكل فيتنغض عليه بالمبادرة.[…]
ومن هذا الفن أن لا يرفع صاحب المائدة يده قبل القوم فإنهم يستحيون بل ينبغي أن يكون آخرهم أكلاً. كان بعض الكرام يخبر القوم بجميع الألوان ويتركهم يستوفون، فإذا قاربوا الفراغ جثا على ركبتيه ومد يده إلى الطعام وأكل وقال: بسم الله ساعدوني بارك الله فيكم وعليكم، وكان السلف يستحسنون ذلك منه.”
من كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي في معرض حديثه عن آداب إحضار الطعام.