الرئيسية >> كتب بنكهات متنوعة... >> بين مرويات السيدة عائشة و الواقع

 

 
 

 

بين مرويات السيدة عائشة و الواقع

 

 

مرويات عائشة في التفسير     سعود الفنيسان

 

قرأت كتاب مرويات أم المؤمنين عائشة في التفسير الذي جمعه سعود الفنيسان، و لم أكن أحسب أنه سيؤثر بي بالطريقة التي أثر بها علي... كنت أحسبه مجرد كتاب اختصاصي سيغنيني من هذه الناحية... و لكني حقيقة تأثرت به و بالسيدة عائشة و بدفء بيت النبوة... و كأني أعيش معهم... قد رأيت البيت من الداخل و كم كان صلى الله عليه و سلم على خلق عظيم فعلا...
الكتاب عبارة عن جمع لما روته السيدة عائشة من تفسير لبعض آيات القرآن الكريم، مع تخريج للأحاديث و الحكم على صحتها...
شعرت بأني بت أعرف السيدة عائشة أكثر إذ و كأني كنت معها طوال الوقت فتبدت لي شخصيتها بعلمها و قوتها و شدة ذكائها... لكأني ما كنت أعرفها قبلا...
أحب النساء الذكيات و القويات و المعتدات بأنفسهن... جدا... و كانت تمثل هذا النموذج النسوي الذي أحبه... في أجوبتها، في أسئلتها، في طريقة كلامها، في ردود فعلها، في شرحها، و تصحيحها لمفاهيم بعض الصحابة و التابعين حول بعض الآيات... قوية...

ثم إن الكتاب مهم لمن هو مهتم بتفسير القرآن، لأنه يبرز لك كيف تلقته العقول و فهمته زمن نزوله، و كيف كان يطبق حينها... و من خير من السيدة عائشة ليخبرنا؟ 
وددت لو أنها سألت رسول الله أكثر... وددت لو أن السائلين سألوها أكثر... وددت لو أن النقول عنها كانت أكثر... وددت لو أنّا عرفنا أكثر... لكن الله لم يشأ بأن يأتينا أكثر... لكأنما حتى نعمل و نجتهد بأنفسنا أكثر...

لا أنكر أن الكتاب أصابني ببعض الإحباط، و أغلقته عدة مرات عاقدة العزم ألا أكمل... إذ شعرت و كأني أُصفع أو أرمى بالبندورة على وجهي... و كأني أتمزق بين ما أقرأ و ما أعاين من الحال الذي آل... أن يا لسخرية الواقع الآن يا أيتها السلمى! 
أتعلمون ما مشكلة الأشياء الجميلة؟ أنها تفسد ذوقك في الرداءة، تلك الرداءة التي تطلس كل ما حولك بحيث لا تعود تطيق صبرا على تجرعها حتى، و قد كنت قبلا تفعل و بالكاد تسيغها... قد كنت تحسب أنك لست أكثر من أبله آخر حين لم يكن باستطاعتك تقبل ما حولك و أنت تحلم بطوباوية ساذجة و قضي الأمر. لكن أن تكتشف أنك لست معتوها تناطح طواحين الهواء و أن نماذجا أسمى قد وجدت فعلا، نماذجا لم تعهدها في حياتك، و أن المسلمين لم يكونوا على هذه الحال التي تعرفها، في زمن لم تكن فيه، هو ما يملأك بالمرارة.

أن تقرأ عن تلك الحياة: الصدق، المعنى، القوة، النبل، اللطف، الاستقامة، الخلق الرفيع... ثم تنظر حولك... و كأنك تنتقل من الأقصى للأقصى... من أعلى العليين إلى أسفل السافلين...

لكني لم أستطع ألا أقرأه، فعدم القراءة ليست هي الحل... لا أدري ما الحل... و لكن عدم القراءة لم تكن حلا لأي مشكلة أبدا _اللهم إلا راحة العينين المتعبين قليلا_... و إن كانت المعرفة مستنزفة... فالجهل قتـّال...

و حتى أرفع معنويات نفسي المحبطة، فكرت أن يا سلمى إنما اخترت لتكوني في هذا الزمان و المكان لحكمة ما!

و من يدري، عسى الله أن يؤجرنا ضعفين على صبر وجودنا في هذا الواقع الزفت! 


--

مرويات أم المؤمنين عائشة في التفسير

لمؤلفه السعودي: سعود بن عبد الله الفنيسان

مكتبة التوبة



 

سلمى الهلالي

كانون الأول 2010

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   

CopyRight & Designed By Salma Al-Helali